الخلافة الراشدة
|

البعثة و الخلافة الراشدة: نشأة الحضارة الإسلامية

      بسم الله الرحمن الرحيم

أهمية البعثة و الخلافة الراشدة في التحولات التاريخية

خير القرون التي ذكرها رسول الله

يقول رسول الله ﷺ : خير القرون قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم .(حديث صحيح رواه البخاري و مسلم).

خير القرون
القدس

عهد النبوة و الخلافة الراشدة، فجر الإسلام. لم يشهد تاريخ البشرية منذ خلق آدم عليه السلام إلى نزول عيسى عليه السلام عند قرب قيام الساعة خير من القرون الثلاثة.

هذه القرون مذكورة في الحديث السابق. خصوصا قرن البعثة ثم الخلافة الراشدة.

فمن قبائل همجية في جزيرة العرب غارقة في التخلف نشأت أسس دولة إسلامية عظيمة. وصلت حدودها إلى القارات الثلاث آسيا، إفريقيا، وأوروبا في ظرف أقل من قرن.

تم ذلك ببعثة الله لخاتم الرسل محمد ﷺ لرسالة توحيد الخالق. وبعد ذلك واصلت الخلافة تحت قيادة خلفائه رضي الله عنهم.

تنبيه!

إن هذا البحث يعالج بشكل وجيز الفترة من بعثة الرسول محمد عليه السلام إلى حوالي القرن الخامس الهجري. فمن أراد المزيد من التفصيل فعليه بمراجعة اصح ما ألف في السيرة. مثل ما الفه الحافظ ابن كثير و مؤلف الرحيق المختوم للمباركفوري..

عقيدة التوحيد:

قبل الخوض في هذا البحث ، يجب أن أوضح باختصار مسألة عقائدية أساسية. لا يمكن ان نبني أي نجاح او حضارة إلا بهذه المسألة العقائدية.

إن العالم الغربي منذ قرون و إلى اليوم بعيش في تيه روحي(إلا الذين أسلموا). هذا يحدث رغم التقدم التكنولوجي. إذا سألت أي عالم أو شخصية بارزة في أكبر الجامعات في الغرب: لماذا خلقت؟ لا يستطيع إجابتك. و هل يوجد إله لهذا الكون؟ لن تجد عنده جوابًا. و حتى في العالم الإسلامي فإن معظم جماهيره (إلا القليل منهم) حظهم من الإسلام التقليد للأجداد. بلا معرفة للأدلة.

و الكثير من علمائه و اتباعهم انحرفوا عن منهج سنة رسول الله في بعض دول المشرق. اتبعوا مذهب التشيع الخطير هناك. اتبعوا التصوف الجامد في دول المغرب. فيجب على كل مسلم معرفة ادلة التوحيد الشرعية و العقلية العلمية. يجب أن يستيقن و يفهم معنى لا إله إلا الله. فلا يعبد إلا الله.

أعظم دليل شرعي هو هذا القرآن المعجز. لا يزال سارًا منذ أكثر من أربعة عشر قرنًا. لم يحرف منه حرف واحد. لم يبدل منه شيء. اما الأدلة العقلية، وأبرز هذه الأدلة خلق هذا الكون. يسير الكون منذ خلقه الله وفق قوانين فيزيائية وكونية منظمة ودقيقة. إذ يستحيل أن ينشأ عن طريق الصدف العشوائية. طالع رسالة الأصول الثلاثة

ا) الأوضاع قبل الإسلام:

 _ الوضع الديني : 

لم يبقى من رسالة التوحيد التي جاء بها إبراهيم عليه السلام سوى بعض التعاليم بيد أهل الكتاب (اليهود و النصارى). أصلها كما أرسل بها رسل بني إسرائيل (منهم موسى و عيسى عليهم السلام) صحيحة. لكن أكثر هذه العقائد و الشرائع طالها التحريف خاصة من طرف أحبار اليهود.

، فانحرفت إلى الشرك بالله. لقد قامت بتشبيه صفات الله بالمخلوقات (خاصة من النصارى). والله منزه عن ضلالات التشبيه و التعطيل.

المهم لا نذهب بعيدا. نعود إلى موضوعنا. فقد شهد عصر قبل الإسلام صراع بين رجال الدين اليهود و النصارى منذ بعثة عيسى عليه السلام * . أما جزيرة العرب فهي قبائل غارقة في الجهل و الخرافات ماعدا بعض الشيم و الأخلاق النبيلة كالشجاعة و الكرم … 

_ الوضع السياسي:

قبل الإسلام سيطر على العالم أنذاك قوتان بارزتان. الروم انتقلت عاصمتها من روما إلى بيزنطة. الفرس عاصمتها المدائن “بإيران حاليا”. و دارت بينهما حروب طويلة و صراع على النفوذ.

الوضع الاقتصادي و الاجتماعي:

كان التخلف في معظم أنحاء العالم. كانت مدن الحضارة الرومانية والفارسية متمدنة، لكن اقتصادها كان قائماً في كثير من الأحيان على التوسع. هذه المدن اعتمدت أيضاً على النهب وأكل الربا.

و يمكن ايجاز ابرز مظاهر اقتصاد ذلك العصر في الحركات التجارية. تمت هذه الحركات عبر الرحلات بين افريقيا وجنوب أوروبا وبلاد الشام. المرور كان عبر مصر وجزيرة العرب إلى الهند والصين (طريق الحريرا).
أما اجتماعيا، انقسمت مجتمعات الروم والفرس إلى طبقات السادة وبعض رجال الدين. هؤلاء الأشخاص يهيمنون على الثروات بثرائهم الفاحش. الطبقة الباقية فقيرة وكادحة، ويعمل الكثير منها كعبيد عند السادة.

أما سكان الجزيرة العربية. هم مزيج من النازحين من اليمن (العرب القحطانية) بعد انهيار سد مأرب. هناك أيضًا العرب العدنانية (من ذرية اسماعيل عليه السلام الذي من نسله هاشم التي منها رسول الله ﷺ). أقول لم تكن هذه القبائل متمدنة كالروم و غيرها فكانت غارقة في الجاهلية و الفواحش و المنكرات

. غير أن هناك بعض الأخلاق الراقية. تميزهم بالشجاعة والكرم. كما ابتعدوا عن حياة الترف والبذخ. و قد أقر الإسلام هذه الأخلاق الراقية و أزاح الأخلاق السافلة الأخرى.

القدس (ايلياء)، قبة الصخرة.

 البعثة و الخلافة الراشدة:

البعثة و السيرة النبوية

لقد غير رسول الله محمد عليه السلام بفضل الله مجرى التاريخ. تم تصحيح معظم مجالات الحياة الإنسانية بشكل جذري. كان ذلك دينياً وأخلاقياً أولاً، ثم اجتماعياً وسياسياً وحتى اقتصادياً.

و هذا بشهادة حتى خصومه مثل الكثير من المستشرقين الغرب. دينيا بإصلاح العقيدة من الشركيات إلى توحيد الله تعالى المنفرد بالعبادة وحده. هذا هو أساس المجتمع و الدولة الإسلامية. ثم بإصلاح الأخلاق السافلة و المترفة بالدنيا إلى الأخلاق الراقية. كما حافظ على القيم و المنجزات السليمة للأقوام السابقة مثل ما بقي سليم من حضارة أهل الكتاب (الروم و غيرهم).

وهذا في أصل عقيدة التوحيد كما جاء بها الرسل السابقون إلى عيسى عليه السلام قبل ان تحرف. كذلك أصول الأخلاق العامة.

و لم يعارض او يعرقل منجزات البشرية الدنيوية. كالمكتشفات العلمية كما عرقل رجال الكنيسة المتعصبين. هداهم الله و ما شابههم من جهال الصوفية المسلمين.

و هذا بأسلوب متدرج من المرحلة المكية. بدأت في سنة 610 م. كان ذلك تاريخ نزول الوحي. تلتها ثلاث عشرة سنة من البلاء والصدام مع قومه. ثم جاءت عشر سنوات مدنية حيث أسس بيثرب نواة دولته الإسلامية الخالدة.

و تم هذا  عبر العلم حيث كان الوحي (القرآن الكريم ) يتنزل عليه حسب الوقائع و الأحداث. ثم بالدعوة والعمل الجاد. 


اشتري كتاب تاريخ المسلمين بين المجد و الإنحطاط

اكتشف لماذا تأخر المسلمون و تقدم غيرهم؟!

    ملاحظة:

  • على الرغم من أن عصر النبوة والقرون الموالية لم تصل فيها البشرية إلى التكنولوجيا والعلوم الحالية، إلا أن فهم السلف الصالح كان الأكثر اعتدالاً. كان يوازن بين الإيمان بالله وبذل الأسباب المادية.

و يتجلى ذلك في كثير من حوادث السيرة مثل ما بذله محمد ﷺ من أسباب لما هاجر من مكة إلى المدينة مع توكله على الله. قال عز و جل  (و كذلك جعلناكم امة وسطا) “البقرة”.

  • لكي يتضح و نصحح المفاهيم الخاطئة حول الفتوحات الإسلامية مفادها أنها عنيفة. و هذا غير صحيح حيث ان لأهل الكتاب من اليهود و النصارى خيار دفع الجزية إذا لم يسلموا و بهذا يجتنبوا الحرب.  

عهد الخلفاء الراشدون (الخلافة الراشدة)

لقد سار الخلفاء الأربعة على نفس درب رسول الله ﷺ. ، إثر وفاته سنة 11 ه إلى حوالي سنة 40 للهجرة آخر خلافة علي رضي الله عنه.

فواصلوا نشر رسالة الإسلام على أكمل وجه. كان ذلك خاصة في خلافة عمر بن الخطاب رضي عنه (الخليفة الثاني). دامت خلافته عشر سنوات. وصلت فيها حدود الدولة الإسلامية إلى مصر وطرابلس غربًا. فتحها الصحابي عمرو بن العاص سنة 20 ه.

و بلاد فارس شرقا و ما جاورها كمدن سمرقند و بخارى شرقا. و هذا بعد معركتين فاصلتين : الأولى قلصت حدود دولة الروم (عاصمتها بيزنطة) إلى وراء الشام ، إنها معركة اليرموك الشهيرة.

ثم الثانية و هي وقعة القادسية بالعراق التي قضت نهائيا على الإمبراطورية الفارسية.كما فتح بيت المقدس صلحا سنة 16 ه /637ه كما بشر به رسول الله ﷺ. و بدا التأريخ الهجري في عهد هذا الخليفة القوي.

واصل اكتشاف عصور الخلافة الإسلامية الأموية ثم العباسية

الخاتمة:

و السلام على اشرف المرسلين                       

         مع تحيات المؤلف.

انشر المحتوى الهادف

موضوعات ذات صلة

2 Comments

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *